قوله تعالى: {قل اللهم مالك الملك} في سبب نزولها ثلاثة أقوال. أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما فتح مكة، ووعد أمته ملك فارس والروم، قال المنافقون واليهود: هيهات، فنزلت هذه الآية. قاله ابن عباس، وأنس بن مالك، والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم، سأل ربه أن يجعل ملك فارس والروم في أمته، فنزلت هذه الآية. حكاه قتادة. والثالث: أن اليهود قالوا: والله لا نطيع رجلاً جاء ينقل النبوة من بني اسرائيل إلى غيرهم، فنزلت هذه الآية، قاله أبو سليمان الدمشقي. فأما التفسير، فقال الزجاج: قال الخليل، وسيبويه، وجميع النحويين الموثوق بعلمهم: {اللهم} بمعنى يا الله، والميم المشددة زيدت عوضاً من يا، لأنهم لم يجدوا يا مع هذه الميم في كلمة، ووجدوا اسم الله عز وجل مستعملاً ب يا إذا لم تذكر الميم، فعلموا أن الميم في آخر الكلمة بمنزلة يا في أولها والضمة التي في الهاء هي ضمة الاسم المنادى المفرد. قال أبو سليمان الخطابي: ومعنى: {مالك الملك}: أنه بيده، يؤتيه من يشاء، قال: وقد يكون معناه، مالك الملوك، ويحتمل أن يكون معناه: وارث الملك يوم لا يدعيه مدّع كقوله تعالى: {الملك يومئذ الحقّ للرحمن} [الفرقان: 26].قوله تعالى: {تؤتي الملك من تشاء} في هذا الملك قولان. أحدهما: أنه النبوة، قاله ابن جبير، ومجاهد. والثاني: أنه المال، والعبيد، والحفدة، ذكره الزجاج. وقال مقاتل: تؤتي الملك من تشاء، يعني: محمداً وأمته، وتنزع الملك ممن تشاء، يعني فارس والروم. {وتعزُّ من تشاء} محمداً وأمته {وتذل من تشاء} فارس والروم. وبماذا يكون هذا العز والذل؟ فيه ثلاثة أقوال. أحدها: العز بالنصر، والذل بالقهر. والثاني: العز بالغنى، والذل بالفقر، والثالث: العز بالطاعة، والذل بالمعصية.قوله تعالى: {بيدك الخير} قال ابن عباس: يعني النصر والغنيمة، وقيل: معناه بيدك الخير والشر، فاكتفى بأحدهما، لأنه المرغوب فيه.